قال بعض المجان: مررت ببعض دور الملوك، فإذا
أنا بمعلم خلف ستر قائم على أربعة ينبح نبح الكلاب، فنظرت إليه فإذا صبي خرج من
خلف الستر، فقبض عليه المعلم، فقلت للمعلم: عرفني خبرك، قال: نعم، هذا صبي يبغض
التأديب ويفر، ويدخل إلى الداخل ولا يخرج، وإذا طلبته بكى، وله كلب يلعب به فأنبح
له فيظن أني كلبه ويخرج إليه فآخذه.
ضرب معلم غلاماً، فقيل: لم تضربه؟ فقال: إنما
أضربه قبل أن يذنب لئلا يذنب.
قيل: إن معلماً جاء إلى الجاحظ فقال: أنت الذي
صنعت كتاب المعلمين تعيبهم؟ قال: نعم، قال: وذكرت فيه بعض المعلمين جاء إلى الصياد
وقال: إيش تصطاد طرياً أم مالحاً؟ قال: نعم، قال: ذلك أبله ولو كان فيه ذكاء كان
يقف فينظر أن خرج طري علم أو خرج مالح علم.
قال: مررت بمعلم وقد كتب لغلام وإذ قال لقمان
لابنه وهو يعظه، يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك، فيكيدوا لك كيداً وأكيد كيداً
فمهل الكافرين أمهلهم رويداً فقلت له: ويحك فقد أدخلت سورة في سورة، قال: نعم، إذا
كان أبوه يدخل شهراً في شهر، فأنا أيضاً أدخل سورة في سورة فلا آخذ شيئاً ولا ابنه
يتعلم شيئاً.
ورأيت معلماً قد جاءه غلامان قد تعلق كل واحد
منهما بالآخر، فقال: يا معلم هذا عض أذني، فقال: ما عضضتها وإنما عض نفسه، فقال:
يا ابن الخبيثة جمل حتى يعض أذن نفسه؟
قال أبو العنبس: كان ببغداد معلم يشتم الصبيان،
فدخلت عليه وشيخ معي، فقلنا: لا يحل لك، فقال: ما أشتم إلا من يستحق الشتم،
فاحضروا حتى تسمعوا ما أنا فيه، فحضرنا يوماً فقرأ صبي عليها ملائكة غلاظ شداد
يعصون الله ما أمرهم ولا يفعلون ما يؤمرون فقال: ليس هؤلاء ملائكة ولا أعراب ولا
أكراد. فضحكنا حتى بال أحدنا في سراويله.
وقرأ عليه آخر وهم الذين يقولون لا تنفقوا إلا من عند رسول الله فقال: يا ابن
الفاعلة أتلزم النبي بنفقة مال لا تجب عليه؟
قال الجاحظ: ومررت بمعلم صبيان وهو جالس وحده
وليس عنده صبيانه فقلت له: ما فعل صبيانك؟ قال: ذهبوا يتصافعون، فقلت: اذهب وانظر
إليهم، فقال: إن كان ولابد، فغط رأسك لئلا يحسبوك أنا فيصفعوك حتى تعمى.