أكد الشاعر والروائي إبراهيم نصر الله أن القصيدة ستبقى رغم انتكاسات الأمة مصدر إلهام وحفز للناس لخدمة قضاياهم العادلة وتظل السلاح الأقوى في مواجهة الظلم والعدوان والاستبداد.
ودعا نظراءه الشعراء لإعادة الألق والتألق للشعر بعد أن تقدم اللاشعر في مرحلة التملص من الثوابت والتسابق نحو تقديم التنازلات لمغتصبي الأرض وعدم الانحناء أمام تعسف السياسيين والمفسدين والمفرطين بالحقوق والسيادة الوطنية، مشيرا إلى أن القصيدة العربية تعيش في غربة منذ عشرين سنة.
جاء ذلك في مقابلة مع الجزيرة نت قبيل الأمسية التي نظمتها جمعية صناع الحرف التقليدية وبيت شقير للثقافة والتراث مساء الأربعاء ضمن أسبوع القدس الثقافي.
وحيا نصر الله المقاومة القابضة على الزناد، قائلا "لا حق بدون قوة تدافع عنه وتطالب به" مؤكدا أن البندقية الوسيلة الوحيدة لصون حقوقنا، مستذكرا ثورتي الجزائر وفيتنام اللتين قهرتا أكبر قوتين استعماريتين.
حوار مع الحياة
وفي قصيدة "ملاحظات" حاور نصر الله الحياة بعذوبة رافعا من قيمة المستقبل باعتباره يحمل الأمل بغد ربما يكون أكثر إشراقا فأنشد يقول:
لا أُصدِّقُ من سيموتُ
أُصدِّقُ من سوفَ يولَدْ
كلُّ ما قيلَ من قبلُ
ليس سوى هوةٍ في الكلامِ
ونافذةٍ لا تَرى أيَّ شيءٍ ونجمٍ مقيّدْ
لا أصدِّقُ إحدى وعشرين طلقةَ نارٍ
على قبرِ هذا الشهيدِ
هناكَ ثلاثونَ في صدرهِ
لا أصدق أعين قاتله في الجنازة
تبكي وتحكي وتشهد
مايسترو
ومن مجموعته الشعرية "لو أنني كنت مايسترو" بدأ نصر الله قراءته بالقصيدة التي حملت عنوان "الديوان" مبينا أن هذه الأمنية قديمة سكنته طويلا حيث كان يتمنى أن يدرس الموسيقى قبل 35 عاما، مشيرا إلى أن الديوان مكرس في معظمه لتلك الأمنيات والمسائل العالقة التي لم تتحقق على المستوى الفردي أو الإنساني أيضا فيقول:
لو أنني كنتُ مايسترو
لكانت حياتيَ أفضلْ!
وكان الفضاءُ هنا فوق رأسي فسيحاً
ومعنى الخليقةِ أجملْ!!
جانب من حضور الأمسية (الجزيرة نت)
رحلة عمر
وانتقل نصر الله لقصيدة تمثل صورة شخصية تناول فيها إحساسه بالزمن والتحولات التي تمس الروح من الداخل وكانت تكثيفا شعريا لرحلة العمر في كلمات مفعمة بالقدرة على الاندفاع رغم كل شيء والتشبث بالجمال والحق والبساطة والقدرة على الاحتفاظ بالأمل ومنها:
أُفكِّرُ في كلِّ ما مرَّ لكنْ
أُطيلُ تأمُّلَ ما ظلَّ أكثرْ!
مروري على الأرضِ مثل الفراشةِ
حُلْماً تجلَّى وحُلْماً تَكسَّرْ
خسرتُ كثيراً لأكسبَ نفسي
وقلبيَ لما يزلْ، بعدُ، أَخْضَرْ
العابر
واختتم نصر الله أمسيته بقصيدة العابر حيث يتحول الإنسان إلى هدف متحرك متعدد المعاني:
لشَعْركَ ينظرُ الحلّاُق حين تمرُّ مُنشغِلاً أمامَ البابْ
لنوْعِ قميصكَ الخياطْ
لطولكَ صاحبُ الحانوتْ
لشكْلكَ سائقُ التاكسي
لضَوئكَ تنظرُ المرآةْ
لخطوكَ ينظرُ القصَّاصْ
لرأسكَ يُطلِقُ القنَّاصْ !!
وكانت الفنانة التشكيلية منال النشاش المشرفة على فعاليات الأسبوع وصفت نصر الله بأنه شاعر وروائي ملتزم لم ينحن للريح وبقي قابضا على مبادئه ومواقفه ولم يتلفت لأي إغراء ومضى نحو طموحاته بخط مستقيم حتى وضع نفسه على خريطة الرواية العالمية.
وقالت في بداية الأمسية "في حياته محطات مضيئة وأخرى أقل إضاءة لكنه أخذ منها زوادة جديدة باتجاه إنجاز جديد فمشواره الأدبي يزدان بالإنجازات التي تتحدث عنه بصوت عال".
وترى النشاش أن نصر الله شاعر سبقنا وسبق عصره فهو صاحب "زمن الخيول البيضاء" التي ستتحول قريبا لملحمة تلفزيونية والملهاة الفلسطينية التي تحاكم التاريخ من داخله وتحكي نكبة شعب.
المصدر: الجزيرة