أبرز التحديات التي تواجه أي وطن أو أمَّة تتمحور حول مسألة الحرّية سواء أكانت "حرّية الوطن" من الاحتلال
أو "حرّية المواطن" من الاستبداد الدّاخلي. هكذا قال احد الكتاب وهو الكاتب صبحي غندور
فإنَّ أساس المشكلة في الواقع العربي الراهن هو غياب الاتفاق على مفهوم "الوطن" وعلى
تعريف "المواطنة".
إنَّ احتلال أيّ بلد في العالم ليس ناجماً فقط عن قوة المحتل وجبروته، بل عن ضعف أيضاً في جسم البلد
إذن الاحتلال هو نتيجة وليس السبب فقط لمأساة عربية هنا أو هناك. ومواجهة الاحتلال لا تكون حصراً
بالمواجهات العسكرية ضدّ الجيش المحتل، بل أيضاً (وربما تكون هي المواجهة الأهم) في إسقاط الأهداف
السياسية للمحتل، وفي بناء قوة ذاتية تنهي عناصر الضعف التي أتاحت للاحتلال أن يحدث أصلاً.
وحينما يقع أيّ بلد عربي في أزمة أو مواجهة مع طرف خارجي، يتساءل أبناء هذا البلد: "أين العرب"، لكنّهم
لا يتساءلون قبل الأزمة أو بعدها : "لِمَ لا يكون هناك اتحاد عربي أو بالحدّ الأدنى تكامل عربي"!!. لقد سأل
مراسل صحيفة أميركية الرّئيس الراحل جمال عبد الناصر عقب حرب عام 1967 : "كيف تنهزمون كعرب أمام
إسرائيل وأنتم تملكون أكثر من 10 جيوش عربية فاعلة"؟ وكان ردّ عبد الناصر: "انهزمنا لأنَّنا كذلك، فليس
للعرب جيش عربي واحد"، وهذا ما حدث أيضاً في أوروبا بمواجهة الجيش الألماني النازي والّذي انتصر على
جيش كل بلد أوروبي قاومه إلى حين قيام قوات مشتركة لدول الحلفاء ضدّ النازيّة.
وكانت حرب أكتوبر 1973 خير مثال على أهميّة التضامن العربي، وكيف بإمكان الحدّ الأدنى من
التنسيق العربي الشامل أن يصنع انتصاراً عسكريّاً سرعان ما جرى تفريغه من مضمونه السّياسي، وعادت
الصراعات العربية، على مستوى الدول وبين الجماعات المؤلِّفة لبعض الأوطان، إلى الواجهة.
هل سيكون في هذا الوطن الجديد حاله فكرية وسياسية جديدة ومختلفة وتنسيق مشترك وتوافق بين كل طبقاته ولا نجد الانقسامات بين كل طوائفة
هل نجد حلا لتنمية الولاء الوطني لدى الناس عن طريق عدم التمييز بين المواطنين هناك الآن وقبل فوات الأوان حاجة قصوى لوقفة مع النفس العربيّة